السبت، 24 ديسمبر 2011

الشاعر العراقي مظفر النواب : أعتقد بأن الحكام العرب "شتيمه"





 
 
 
 

الشاعر العراقي مظفر النواب : أعتقد بأن الحكام العرب "شتيمه    "




كثر من أربعين سنة والنواب في منفيين وغربتين .. ومازال يبحث عن وطنه العربي .. ويسأل عن فلسطين بكارة العرب والعروبة .. أكثرمن أربعين سنة والشاعر يكتب على جدران السجون قصائده الثورية والسجان يكتب بالسوط على ظهره أسماء الملوك والأمراء ورؤساء الدول الثورية وأمناء الأحزاب العربية .. أكثر من أربعين سنة وصوته يطلع من بين القضبان والأوراق ودفاتر الشعر .... 


لم يكن العراق على علم مسبق بأنه سينبت من آديم ترابه نبات من عشب الشعر الأحمر وأنه سيلعب في حواكير أحياء بغداد طفل بكرة من لغة الثورة ... رغم أن بيت النواب كان سكن للفنّ وملاذ آمن للمهاجرين في أوطانهم ومن أوطانهم ..ولم تكن المدرسة البغدادية قد تنبأت بعد بأن في غرفها وفي احدى صفوفها طالبا" سيرتدي مريلة من قشيب الشعر والأدب .. فاستفاقت دغشة على موجة " نواببية من فرات عذب .

لقد حملته الجامعة كعلامة مضيئة في سماء الكتب ومنبرا" مفتوحا"على قضايا الحرية والعدالة الاجتماعية .. وآنذاك كان البعث يلوّن جدران بيوت عربية ومدن عربية بأكذب الشعارات وكان مظفر النواب يمسح بأوراق أشعاره كذب البعث ويمنح المناضلين ارادة مضافة في مواجهة بعثية فاسدة ومستبدة .. فطفح قلب النظام سوادا" من شاعر جمع مابين
ماركسية سياسية و"حسينية " ثورية وثقافة عراقية حفرت في قاع السلطة البعثية رج أسوار السجن . وبعد هروبه توارى عن الأنظار وتوجه الى الأهوار مجددا"
عمقا" من المواجهات المزمنة . فلاحقته أجهزت مخابراته فخرج مظفر النواب من بغداد هائما" على وجهه في صحراء الغربة . فألقت أجهزة السفاك القبض على الشاب الثوري وهو قادم من الأهوار باتجاه الحدود مع ايران.وسلمته الى المخابرات العراقية ليحكم عليه بعد ذلك بالاعدام . ونتيجة لمساع حميدة تمّ تخفيف الحكم الى الؤبد وسجن في سجن صحراوي اسمه "نقرة السلمان" القريب من الحدود السعودية . ليتمّ بعد ذلك نقله الى سجن "الحلّة" – بابل القديمة – وهناك حفر الشاعر مع سجناء آخرين نفقا" من الزنزانة الى 


آخرين نفقا" من الزنزانة الى خارج أسوار السجن . وبعد هروبه
توارى عن الأنظار وتوجه الى الأهوار مجددا" ليمضي قسطا " 



ليمضي قسطا " من الوقت مع البسطاء والفلاحين ويتقاسم معهم 

 هموم الحلم بغد بغدادي مشرق ...
 
هموم الحلم بغد بغدادي مشرق .

كانت المسافة مابين مظفر النواب والهجرة الساسية مفتوحة دائمة على مناطق يصعب على البعث الوصول اليها . لذا قذفه خلافه مع نظام صدام وعلى فترات طويلة الى ترك العراق والتنقل بين العواصم العربية كداعية ثورية يشير باصبع الدلالة الى جرح عراقي عميق نازف من جسد السنين العجاف .

كانت دمشق أوّل غرف الهجرة وآخر شبابيك الهجير وسطحها المكشوف على عراق استفاق من وجع العمر .. وكانت الغرفة التي استأجرها على سطح شامي تلمّ مزق جسده العربي وخيمة شعره المسافر الى كل الأوطان والزنازين وعلى جدرانها كتب قصائده ومشى في الشوارع العربية كاشفا" ظلم الحكام والأنظمة وما مثلته بالانسان العربي  :

هل عرب أنتم ...؟
والله أنا في شك من بغداد الى جدّة
هل عرب أنتم.؟
وأراكم تمتهنون الليل على أرصفة الطرقات الموبؤة...
أيام الشدّة!
قتلتنا الردة
قتلتنا أن الواحد منا يحمل في الداخل ضده ...

من قاعات دمشق من ساحاتها ومسارحها .. كان يطل مظفر النواب بصوته وصورته وحركاته .. وعلى لسانه خمر من شعر يسكر الثوار ويحرض المؤمنين بالتغيير على قتال أعداء الشعوب والحرية ...

وكان يعصر عنقود العراق في بيروت و يمدّعريش غربته مسرحا" للوطن العربي المفقود .. ويمشي في شوارع الشيا ح وتل الزعتر لغة من قصائد التاريس ومرآة للشعر والبحر .

ولد مظفر النواب أكثر من مرة في أرحام بيروت شهيدا" يقرأ الوصايا والمزامير وأشعارا" من كربلأ ...
مازال فراغ مقعده الخشبي على رصيف بلا خوف في بيروت ينتظرنورسه العراقي طائر الشطآن والأمواج ورياح الأملاح .. هنا شرب قهوة السماء والمساء ودون أن يلتفت يمنة أويسرة الى مخبر مأجور أوشرطي مرور رخيص أو بدوي يمسك بالنظارة ويضع صحيفة البعث على عينيه ..هنا ترك صوته على طاولات المقاهي وعلى أخشاب المسارح ...
ومازال صوته معبأ في علب الفقراء...   


قلة قليلة تعلم أن النواب شاعر شعبي .. وأن كتابته في اللغة العامية هي تاج مملكته الشعرية وهي خيمة بادية العراق القديم .. وقد وصفها الواصفون بالمستودع اللغوي الكبير وبالغابة الكثيفة الألوان والعيون وهي تجمع أنهار هادرة بالثورة .
كانت الكلاسيكية أولى محاولاته العروضية وأول أنماطه الشعرية .. وكانت للوتريات نكهتها الخاصة ومزاجها المشتعل في كؤوس شاربيه .

شهدت فترة السبعينيات نجومية متألقة لمظفر النواب وكانت تلك الفترة تختزن قوة من القهر التاريخي وتطلع من أحشائها حيويات سياسية كان مظفر أحد روادها وقد لعب دورا" رياديا" في توظيف الشعر لصالح مشروع عربي نهضوي تحرري يطيح بأنظمة الرجعية العربية وبالثوار الذين أفسدوا الثورة .

لذا بكى الشاعر فلسطين وهي تفض بكارتها لمرتين مرة من قبل الاحتلال و مرة من قبل الأنظمة وثوار الثورة . وكان أول الكاشفين للثوار الكسبة والكتبة :

من باع فلسطين سوى أعدائك أولئك ياوطني
من باع فلسطين واثرى بالله
سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام
ومائدة الدول الكبرى ؟
فاذا أجن الليل
تطق الأبواب بأن القدس عروس عروبتنا
أهلا" أهلا"   






 




من باع فلسطين سوى الثوار الكتبة ؟
وهذا الثوري المتخم بالصدف البحري ببيروت
تكرش حتى عاد بلا رقبة
أقسمت بتاريخ الجوع ويوم المسغبة
لن يبقى عربي واحد ان بقيت حالتنا هذي الحالة
بين حكومات الكسبة  










القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل الى حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب
لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم
وتنافختم شرفا"
وصرختم فيها أن تسكت صونا" للعرض
فما أشرفكم
.....
هل تسكت مغتصبة؟

في آوائل التسعينيات استراح مظفر النواب من ثورة الشعر بعد أن مزقته أحزاب وأنظمة فلسطين وبعد أن أمرضه داء اليسار العربي .. فأغلق فمه الذي لم يغلقه مرّة في وجه المأجورين ولصوص السياسة والثورات وتجار الأوطان وقررالغربة في طريق الآخرة لعله يجد من يسلي وحشته الثورية .

يكاد أن يكون مظفر النواب أستثناء" في تاريخ المناضلين العرب وعلامة مضيئة في سماء الأمانة الاجتماعية والسياسية ...لأنه بقي على حاله لم يتلون ولم يبدل جلدة مواقفه ولم يبيع نفسه لأول سمسار سياسي ولد وعاش غريبا" ولم تلهيهم تجارة التجار وبيع البائعين عن ذكر الشعوب .

قلة قليلة تعرف أين الشاعر الذي سطع اسمه العراقي عاى مرحلة كاملة من التاريخ السياسي للأمة العربية ... وأشخاص محدودون يسألون عنه ويعلمون أنه مازال يتقاسم كسرة الخبز مع الفقراء وفي غرفة لاتدخلها الشمس ..... ولكن يطلع منها نورقديم من أنوار الشهداء .










 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق